منح بـ6 مليار و400 مليون دولار لليمن .. ونزع 400 ألف لغم حوثى

ندوة مركز الحوار: إيران «الصندوق الأسود» للأزمة اليمنية..والوساطة السعودية طوق النجاة

ندوة "الوساطة السعودية من أجل السلام في اليمن"
ندوة "الوساطة السعودية من أجل السلام في اليمن"

أكد الدكتور محمد الولص بحيبح  "رئيس مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية" أن السعودية قامت بجهود كبيرة لتجنيب اليمن ويلات الحرب منذ ثورة الشباب فى ٢٠١١ وحتى الآن وقامت فى شهر سبتمبر ٢٠١٢ بحشد كبير  إقليمى  ودولى لعقد مؤتمر المانحين فى الرياض ونجح  المؤتمر فى تجميع ٦ مليار دولار و ٤٠٠ مليون دولار مساعدات لليمن ومن هذا المبلغ الـ ٦مليار قدمت السعودية مبلغ ٣ مليار و٢٥٠ مليون دولار لمساعدة اليمن فى تجاوز الأزمات المالية الضخمة الناجمة عن الثورة .

 


جاء ذلك فى ندوة "الوساطة السعودية من أجل السلام في اليمن" التى نظمها برنامج الدراسات اليمنية بمركز الحوار للدراسات السياسية والإعلامية، بالتعاون مع مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية وجريدة النهار المصرية وجمعية الصداقة الأفروآسيوية الثقافية بمقر نادي العاصمة بنقابة تجاريين القاهرة وتم مناقشة أوراق مهمة  في الندوة والتى أدارها  سيد زهيري عضو المنتدى المصري للإعلام وشارك فيها بالحضور لفيف من الباحثين والصحفيين المتخصصين في الشأن اليمني.

 

ويضيف الدكتور محمد الولص بحيبح: مليشيا الحوثى هى من فرضت الحرب على اليمن واليمنيين والسعودية ليس من صالحها أى حرب فى دولة مجاورة لها وقدمت تضحيات كبيرة على حساب أمنها وإقتصادها فى سبيل الحفاظ على اليمن من الإنهيار والتقسيم والخطف من محيطه العربى والقومى ودعمت السعودية المبادرة الخليجية وقامت برعايتها والتوقيع عليها فى ٢٣ نوفمبر ٢٠١١ والإتفاق على تشكيل حكومة الوفاق الوطني فى ٧ ديسمبر ٢٠١١ برئاسة محمد سالم باسندوة ودعمها سياسيا وبوديعة بنكية وباخرات نفطية  لتجنيب اليمن الصراعات الدموية والمذهبية والسياسية ورفضت مليشيا الحوثى الإنخراط في الإجماع الوطنى على هذه المبادرة وعرقلت تنفيذها  كما تم إنتخاب الرئيس السابق عبدربه منصور هادى فى ٢١ فبراير ٢٠١٢ وتشكيل مؤتمر الحوار الوطنى  فى شهر مارس ٢٠١٣ بصنعاء واستمر عشرة أشهر وعقدت جلسته الختامية ٢٥ يناير ٢٠١٤ ومن أبرز مخرجات الحوار هو نظام الحكم فى اليمن وهو الإقليم الإتحادى وإعداد دستور جديد وحظيت بقرارات تأييد من مجلس التعاون الخليجى والجامعة العربية ومجلس الأمن والأمم المتحدة ومنحها صفة قانونية إقليمية ودولية ودعمت السعودية ماديا وسياسيا تشكيل لجنة صياغة الدستور اليمنى الجديد فى ٨ مارس ٢٠١٤ ورفض الحوثيين صياغة الدستور وعطلوا استكمال العمل فى مسودة الدستور وإفشال الوصول إلى إستفتاء يمنى عليها وبعد إسبوعين من إعلان مخرجات الحوار الوطنى اليمنى النهائية فى ٢٥ يناير ٢٠١٤ شنت مليشيا الحوثى هجوما عسكريا على محافظة عمران وإسقاطها ومعسكر اللواء ٣١٠ وقتل قائد اللواء  الشهيد العميد الركن حميد القشيبى بطرق بشعها لا يفعلها من يحمل فى قلبه ذرة إسلام وعروبة وأخذوا جثته إلى صعده وحاولت السعودية إيقاف الحرب وعدم إقتحام صنعاء من مليشيا الحوثى إلا أنه كان يمشى وفق خطط وأطماع  إيرانية واستمر فى الحرب فى محافظة الجوف وإقتحام صنعاء حتى سقطت يوم ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ وأسقط محافظة ذمار والبيضاء وقاد حرب عنيفة على أطراف مأرب والبيضاء وحاولت السعودية تحريك المجتمع الدولي لتوقيف الحوثى وإلتزامه بإتفاق السلم والشراكة لكن الحوثى رفض رفضا قاطعا واستمر فى تمرده وإجرامه والسيطرة على معسكرات الجيش وترسانته العسكرية وتفكيك مؤسسات الدولة وقامت مليشيا الحوثى بمحاصرة ومهاجمة منزل الرئيس السابق هادى فى ١٩ يناير ٢٠١٥ وحاصروا القصر الجمهورى الذى يقيم فيه رئيس الوزراء خالد بحاج وإقتحموا معسكرات للجيش ومجمع دار الرئاسة وفرض الحوثيون على الرئيس هادى ورئيس الوزراء وأغلب وزراء الحكومة إقامة جبرية وتعيين محافظين وموالين لهم فى شركات النفط وإقتحموا مقرات وسائل الإعلام الحكومية وسخروها لنشر وترويج دعايات  ضد قيادة الدولة الشرعية.

 

ويوضح رئيس مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية أن مليشيا الحوثى أعلنت إنقلابهم رسميا فى ٦ فبراير ٢٠١٥ بما سمى بالإعلان الدستورى وتشكيل اللجنة الثورية العليا وبعد ١٥ يوما من إنقلاب الحوثى إستطاع الرئيس هادى الخروج من الإقامة الجبرية عليه فى صنعاء والوصول إلى عدن فى ٢١ فبراير ٢٠١٥ وإزاء تدهور الأوضاع وقيام مليشيا الحوثى بعرض عسكرى بأسلحة ثقيلة وصورايخ فى منطقة البقع الحدودية مع السعودية وقصف قصر معاشيق الرئاسى في  عدن تقدم الرئيس هادى بطلب رسمى إلى السعودية  للتدخل العسكري ووافقت عليه السعودية وأعلنت تدخلها وعمليتها  العسكرية بمسمى عاصفة الحزم  فى ٢٦ مارس ٢٠١٥ ضمن تحالف عسكرى وسياسى عربى تقوده السعودية وبعد عاصفة الحزم بيومين أعلنت القمة العربية فى شرم الشيخ فى بيانها الختامى تأييد الإجراءات العسكرية التى يقوم بها  التحالف العربى الذى تقوده السعودية وطالب البيان الحوثيين بتسليم سلاحهم للسلطات الشرعية وبعد إصدار  القرار الأممى بالشأن اليمنى رقم ٢٢١٦ فى ٢١ إبريل ٢٠١٥ من أجل إستمرار اليمن أعلنت السعودية  عملية إعادة الأمل وإستئناف العملية السياسية وتكثيف المساعدة الإغاثية والطبية للشعب اليمنى وقام مركز الملك سلمان للإغاثة ببناء المخيمات للنازحين اليمنيين وتقديم كافة المعونات الإغاثية لهم  وإفساح المجال للجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية وفى مطلع ٢٠١٦ حاولت السعودية توقيف الحرب اليمنية اليمنية ولكن مليشيا الحوثى لم توافق وفى منتصف عام ٢٠١٨ أعلنت السعودية  إشهار "مشروع مسام" لتطهير الأراضي  اليمنية  من الألغام التى زرعتها مليشيات الحوثى فى اليمن ونجح "مشروع مسام" خلال خمس سنوات وحتى شهر مايو ٢٠٢٣ من نزع عدد ٤٠٠ ألف لغم وعبوة ناسفة وذخيرة غير متفجرة فى ٨ محافظات يمنية ولا زال المشروع مستمرا لتأمين حياة اليمنيين بعد أن أودت الألغام بحياة عشرات الآلاف من المدنيين بين قتيل وجرحى ومعاقين ومبتورى الأطراف وهو ما دفع النائب أسامة شرشر  رئيس تحرير جريدة النهار للمطالبة بمنح "مشروع مسام" جائزة  نوبل للسلام كما أعلنت السعودية  إنشاء البرنامج  السعودى لتنمية وإعمار اليمن وبناء مستشفيات سعودية ودعم مفاوضات جديدة فى السويد فى ديسمبر ٢٠١٨.

وأشار الدكتور محمد الولص بحيبح إلى أن السعودية أعلنت فى إبريل ٢٠٢٢ هدنة فى اليمن ووقف إطلاق النار بسبب جائحة كورونا ولكن مليشيا الحوثى لم تقبل إعلان وقف إطلاق النار ورعت السعودية توقيع إتفاق الرياض للمصالحة  يوم ٥ نوفمبر ٢٠٢٠ وبمشاركة تحالف دعم الشرعية فى اليمن بين الحكومة اليمنية والمجلس الإنتقالى الجنوبى كما أعلنت  السعودية مبادرة سلام من أجل إنهاء الحرب فى اليمن فى ٢٢ مارس ٢٠٢١ وقامت بعقد لقاءات ومفاوضات فى مسقط مع مليشيا  الحوثى لفتح قنوات للحوار والسلام وأعدت مشروع إستراتيجى من أجل السلام فى اليمن وأعلنت وقف العملية العسكرية فى اليمن فى ٣٠ مارس ٢٠٢٢ من أجل إنجاح السلام فى اليمن ودعمت جولات مفاوضات بين السلطة الشرعية والحوثيين  فى الأردن بشأن الأسرى وفتح الطرق والمعابر كممرات إنسانية وإستمرت السعودية فى دعم الهدنة فى اليمن إلى جانب جهود الأمم المتحدة وتقديم جهود كبيرة من تشكيل مجلس القيادة الرئاسى وحتى نهاية مايو من العام الحالى ٢٠٢٣.

 

                                السعودية الحصن الأمين

وأكد اللواء أ.ح حمدي لبيب "نائب رئيس مؤسسة الحوار" أن المملكة العربية السعودية كانت وما زالت الحصن الأمين والدرع المتين والراعى العربى الحريص دائما على توحيد الصف العربى ومحاولة حل الأزمات والقضايا العربية داخليا ولا تزال نعم الوسيط والداعم الرئيس للتسوية السياسية في اليمن، فقد انخرطت السعودية على مدار ما يقرب من عقد من الزمان في جهود لملمة الصف اليمني، فلم تترك بابًا للتسويات والسلام في اليمن إلا وطرقته، فقد حاولت المملكة العربية السعودية بجهودها التي لا تتوقف تجنيب اليمن الصراعات الدموية والانزلاقات الخطرة لإسترجاع اليمن السعيد كما قامت السعودية بالوساطات لتحقيق الإستقرار والإزدهار بالمنطقة العربية بل وتحديها العالمى للقوى العظمى فى إعتدائها على مصر فى حرب أكتوبر ومنعها وإيقاف تزويد أوروبا بالبترول مما كان له أكبر الأثر فى دعم مصر وإنتصارها لاسيما ومصر منذ فجر التاريخ هى الجندى والحامى الأصيل محليا وإقليميا لكافة الدول العربية بدءا من دحر جيوش الهكسوس والصليبين والتوتر ثم الدفاع عن فلسطين واليمن ودعم ثورة الجزائر وتحقيق النصر العربى الوحيد على إسرائيل.

ويضيف: والمنظور الإستراتيجى السعودى يشمل هدف تحقيق سلام شامل ودائم وعادل وإعادة بناء اليمن خاصة البنية التحتية وعدم التدخل الخارجى وسبق للسعودية والإمارات دعم اليمن بحوالى ٣مليار دولار وتوفير حياة إجتماعية كريمة وتأكيد العمل بمعاهدة جدة والتى وقعت فى يونيو ٢٠٠٠ لتوسيع الحدود وحل خلافاتها والتى دامت أكثر من ٦٠ عام أما المنظور المصرى الإستراتيجى يشمل وضع تخطيط يمنى إستراتيجى يلبى مطالب الجانبان اليمنى والحوثى بإصلاح سياسى وإجتماعى و إقتصادى متوازى وأن يحقق السلام مبادئ وحدة الأرض والشعب دون أى تدخل خارجى وعدم إتباع حل التجزئة والتفرقة وبدء التخطيط فى هدنة وطنية لا أهداف شخصية منها وفتح مطار صنعاء الدولى أمام الرحلات التجارية  وحتمية الإشراك الكامل ذو المصداقية للمجتمع المدنى اليمنى فى حل أزمة اليمن ودعم دولى من (U.N)  ودعم عربى إقليمى مادى وإدارى وفنى وبدء إصلاح البنية التحتية بتوفير أكسير الحياة وهى المياة النقية والخدمات الصحية وأن يشمل ذلك كافة أنحاء اليمن وحل مشكلة إزالة الألغام والحصول على خرائط زرعها من الجانب الحوثى وأن يتم الدعم المالى الدولى وخاصة ( U.N) لصالح رئاسة اليمن التى يتوافقون عليها وليس لصالح الحوثيين كما حدث من قبل ومن المعروف أن إتفاقية أوتاوا لخطر الألغام وافقت على تمديد دعم اليمن ٥ سنوات إعتبارا من ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٢.

 


                                    التفاهم مع جماعة الحوثى

وأكد اللواء أحمد ونيس أن السعودية إتخذت خطوة نوعية وهي خطوة التفاهم المباشر مع جماعة الحوثي منذ إبريل الماضي (2023)، حيث بدأت المملكة وساطتها الأبرز في اليمن بداية من 8 أبريل الماضي 2023، عندما أرسلت السفير السعودي في اليمن محمد آل جابر إلى صنعاء للتفاوض مع القيادة الحوثية وهو ما ساهم في انخفاض العنف السياسي في اليمن بنسبة 30%، ووصوله إلى أدنى مستوى له منذ بداية الحرب، وفقًا لتقرير مشروع "بيانات الصراع المسلح" التابع للأمم المتحدة.

 


                              السلام في اليمن.. الأسئلة الصعبة

ويقول عبدالله اسماعيل " إعلامي وباحث سياسي يمنى" : يجب ابتداءً الإعتراف أن عملية السلام في اليمن معقدة، فرؤية السلام لها وجوه متعددة، وأطروحات لا تتعلق فقط  بطرفي الصراع الشعب وحكومته والحوثيين، بل تضاف رؤية المجتمع الدولي والأمم المتحدة للحل، والأطراف الثلاثة لها مقارباتها المختلفة لمسار السلام ومستقبله ولكي نصل الى تقييم حقيقي لرؤية تلك الأطراف للسلام في اليمن، لابد من تفكيك تلك الرؤى ووضعها تحت مجهر الحقائق ومسارات الأزمة، وما فرضته من تداعيات لحرب لم تبدأ بتدخل تحالف دعم الشرعية في السادس والعشرين من مارس 2015، بل بداياتها الحقيقية فيما أطلق عليه الحروب الستة في العام 2004، وكانت نتاجا لتراكمات سابقة عن ذلك، لتبلغ ذروتها بإسقاط العاصمة صنعاء عام 2014 . في الجانب الحكومي – الشعبي تنطلق أساسيات السلام من إزالة أسباب الحرب، والتي تتمثل في الانقلاب على الدولة، في لحظة كان اليمنيون يرتبون مستقبلهم، بعد أزمة 2011 فذهب اليمنيين الى التوافق على المبادرة الخليجية، والتي جنبت البلاد حربا أهلية، ظهرت بوادرها في انقسام الجيش، وتفجير مسجد دار الرئاسة، والاستقطاب الحاد السياسي والعسكري، وصولا الى مؤتمر الحوار الوطني الذي استمر لتسعة أشهر، برعاية إقليمية وأممية، وما نتج عنه مخرجات أسست لإعداد دستور للبلاد، ثم الاستفتاء عليه، تليها انتخابات لا تستثني أحدا، وأوجدت معالجات للمشاكل المناطقية في حدها المعقول، وكان الحوثيون جزء من كل ذلك.

ويضيف: المسار الأمثل في وجهة النظر الحكومية – الشعبية للسلام تبدأ من العودة الى ما قبل الانقلاب، وذلك باستعادة مؤسسات الدولة، والتراجع عن الخطوات الأحادية، وإيجاد حل لإحتكار الدولة للسلاح، والعودة الى مسار التوافق الذي ترسمه المبادرة الخليجية وتزمينها، وهي المبادرة التي أقرتها الأمم المتحدة، وأكدت عليها قرارتها ومنها القرار 2216 وما بعده. تلك الرؤية تشترط التراجع عما تم فرضه بالقوة، وعن التغييرات التي أحدثها الانقلاب في بنية الدولة ومؤسساتها، والتأسيس لعدالة انتقالية تجبر الضرر ولا تسمح بإفلات أي طرف من العقاب. وهي قضايا من مسلمات السلام، وشرطا مستقبليا للاستقرار.
في المقابل: تنطلق رؤية الحوثيين للسلام، من منطلقات ترى فيها أنها قامت بثورة، سمحت لها بالاستيلاء على الحكم والسلاح، وأن ما فرضته من واقع يجب البناء عليه، بما في ذلك رؤيتها لشكل الحكم القادم، المعتمد على تكريس زعيم الجماعة كمرشد وقائد للدولة، ولا تخفي تمسكها بالسلاح والمكتسبات التي حققتها به، وأنها من منطلق إدعاء المظلومية السابقة، لها الحق في استيعاب قياداتها وعائلاتها في تشكيلة الحكم القادم.

ويؤكد الإعلامى  عبدالله اسماعيل أن جماعة الحوثي أظهرت في محادثات السلام، رفضا قاطعا للمرجعيات الثلاث، وترى أنها تضعها – إذا ما نفذت – في حجمها الطبيعي، وأن أي عملية أساسها التعددية السياسية، والإختيار الديموقراطي الحر لن تكسبها شيئا أو سيكون تمثيلها متواضعا، مالم تفرض تمثيلها باحتفاظها بالسلاح وأن يشمل أي إتفاق تقاسمها في الحكم بما لا يقل عن الثلثين ، والذي تستطيع بموجبهما التحكم في الدولة.
في المسار الاممي سيجد المراقب بكثير من الحيادية، أن الرغبات الدولية في تمكين الحوثي، وإعتباره طرفا في أي عملية سياسية قادمة، هو الغالب على تحركاتها، ورغم التقارير الأممية المتتالية المحذرة من سلوك الحوثي – كجماعة راديكالية متطرفة – بما في ذلك توصيف مجلس الأمن في قراراته السابقة للجماعة كمتمردين، ومطالبتهم بالعودة الفورية عن انقلابهم، والتوصيف الأخير لمجلس الأمن للجماعة أنها جماعة إرهابية، الا أن تلك الرؤية مازالت وظيفة المبعوثين الأمميين الدائمة.تلك الرغبات الأممية لا تسند الى الواقع، بل أثرت عليها مسارات الأحداث، والتوظيف للجماعة في ملفات مهيمنة في المنطقة، والأهداف المعلنة للإدارة الأمريكية في الإضرار بدول المنطقة ومصالحها، واستخدام الحوثي – الذي صنف أمريكيا كجماعة إرهابية – كجزء في الملف النووي الإيراني، وتسويق الحرب على أنها حرب سعودية يمنية، في إغفال متعمد لحكومة شرعية يعترف بها العالم.تلك الرؤى المختلفة للسلام، تفرض قراءة منصفة للواقع اليمني، وإجابات نزيهة لأسئلة السلام الصعبة، وإقترابا اكثر لسردية الصراع، ومن تلك الأسئلة: من بدأ الحرب وماهي منطلقاته؟ وهل تغيرت أهدافه أم مازال يؤكد عليها على فرضها، بإصراره على إقتحام مأرب وحصار تعز ومهاجمة الضالع وغيرها؟ ما هو شكل الحكم الذي يريده الحوثيون؟ وما موقع زعيمهم في أي ترتيب سياسي قادم؟ وهل سيقبل اليمنيون بالنموذج الإيراني؟ هل يقدم الحوثي نفسه كحزب مدني يقبل أن يكون شريكا في عملية سياسية على مبدأ المساواة وحكم القانون؟ ماذا عن الفكر الإقصائي والعنصري لهذه الجماعة والذي تنفذه واقعا بسيطرة أسرها المحسوبة على ما يسمى تاريخيا بالهواشم؟ وهل ستتراجع عما أحدثته في المناهج الدراسية، والتشريع والقوانين؟ 
اليمنيون يؤكدون على رغبتهم في السلام وإيقاف نزيف الدم، وهم يقدمون كل التنازلات المؤلمة للذهاب الى سلام عادل، ينهي الصراع ولا يوقف معركة فحسب، يؤسس لاستقرار لا تعود بعده حلقات العنف، ومن أهم شروطه في رأيهم، إزالة أسباب الصراع لا أن يفرض عليهم حلا يقر المتمرد على تمرده وسلاحه، أو أن يتجاوز ذلك الحل الجرائم التي مارستها الجماعة.
اليمنيون يأملون أن ينظر إخوانهم العرب أولا والعالم أجمع، الى سرديتهم الواقعية للصراع، حيث تقف جماعة طائفية عنصرية في مواجهة شعب كامل بأحزابه وتشكيلاته وتكتلاته، استهدفت الجميع أحزابا وأفرادا ومناطق، وتعلن أن هدفها تشكيل ميليشيا جهادية لن تتوقف في حدود اليمن، وهو خطاب يكرسه اليوم زعيمها في ظل هدنة إلتزمت بها الحكومة، كما أن الجماعة ترتبط بمشروع إيراني هدفه المنطقة برمتها، ثم أنها مارست ضدهم القتل والإختطاف والمجازر والقصف بالصواريخ وزراعة ملايين الألغام في منازلهم وطرقهم ومزارعهم، ولا تعتذر عن ذلك بل تؤصل له دينيا وطائفيا.
لم تتوقف جرائم الجماعة الحوثية عند سيطرتها على الدولة ومقدراتها، بل ذهبت الى ممارسات خلقت وتخلق أحقادا وكراهية مجتمعية ستؤثر في مستقبل اليمن وأبناءه، فجرت المساجد والمنازل، منعت الرواتب لأكثر من ست سنوات، مع جبايتها لكل إيرادات الدولة ومقدراتها، وفرضت على اليمنيين طقوسا وإحتفالات ومعتقدات ضد قناعاتهم، حولت المدارس والمراكز الى فقاسات للمحاربين المؤدلجين، أرغمت الناس على تسليم أطفالهم لمعسكرات التدريب مستغلة جوعهم وحاجتهم وجهلهم، وقطعت كل أبواب الكسب أمامهم الا أن يكونوا جزءً من حربها وآلة قتالها.
إن هدف اليمنيين أن تعود دولتهم، وأن يتحقق في واقعهم وظيفة الدولة كضامن للجميع، دون عنصرية أو استعلاء بسبب عرق، أو فكر، أو أفضلية، وعلى المجتمع الدولي أن يعترف بحقيقة وسردية الصراع في هذا البلد، والذي يدركونه جيدا، وأن التعامل مع جماعة تنطلق كل خطاباتها وممارساتها من رؤية بالغة التطرف، وفرضها على اليمنيين، لن يحقق السلام المنشود ولن يؤسس إلا لفوضى ستعم كامل المنطقة، وستصل إليهم عاجلا أو آجلا، فالتعامل مع الجماعة المتطرفة بعيدا عن الحسم مآلاته كارثية، وقضية خزان صافر دليل دامغ على ذلك.

وأشار الإعلامى عبدالله إسماعيل إلى أن  اليمنيون مع سلام عادل، ولن يكونوا إلا في مساره، لكنهم يؤكدون أنهم لم يكونوا من بدأوا الحرب ولا من أشعلها، ومن غير المعقول فرض سلام يحقق لمن أشعل الحرب أهدافه منها، وأن يقبل اليمنيون بفكرهم وأفضليتهم المزعومة وسلاحهم المسروق، وهل يمكن أن نحقق لهم بالسلام مالم يحققوه بعد بالقوة، والأهم هل القبول بشروط مغامر ومتمرد سيحقق السلام  أم سيفتح الطريق لكل متمرد ومغامر؟ 

 


                     الوساطة السعودية والسلام في اليمن .. فرص عدة 

ويوضح إبراهيم العشماوي "مدير تحرير الأهرام والمتخصص في الشئون اليمنية" أن القضية اليمنية  تتلخص فى الآتى أولا : أهمية الوساطة السعودية ودلالاتها وأبعادها

1 ــ المبادرة السعودية للسلام في اليمن أطلقت في 22 مارس 2021 لإنهاء الأزمة اليمنية والتوصل إلى حل سياسي شامل يتضمن وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، وإيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من ميناء الحديدة في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة وفق إتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة، وفتح مطار صنعاء الدولي، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل.
2 ــ  السعودية لم تقدم وساطة سياسية فقط بل هي الداعم الرئيسي للقيادة والحكومة الشرعية اليمنية ، وقدم البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن 229 مشروعًا ومبادرة تنموية نفذها في مختلف المحافظات اليمنية في 7 قطاعات أساسية هي التعليم، والصحة، والمياه، والطاقة، والنقل، والزراعة والثروة السمكية، وبناء قدرات المؤسسات الحكومية بالإضافة إلى البرامج التنموية ، كما قدمت المملكة الدعم المالي والإقتصادي المباشر لتعزيز التعافي الإقتصادي في اليمن منذ 2012 وبلغ 10 مليار دولار أمريكي كمشتقات نفطية، ودعم البنك المركزي، وصندوق التنمية الإجتماعي، ومؤخرًا وديعة للبنك المركزي اليمني بمبلغ مليار دولار، وصندوق مستدام للمشتقات النفطية.
3 ــ ساهم هذا الدعم في استقرار سعر الصرف وتوجيه النفقات الحكومية لمشاريع ذات أولوية عالية في اليمن إضافة إلى تشغيل المرافق الأساسية من مدارس ومستشفيات ومؤسسات حكومية ومراكز تجارية، والمساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام .
4 ــ  خلفت الحرب التي أشعلها الحوثيون للإستيلاء على السلطة في اليمن حتى نهاية عام 2021 حوالي 377 ألف قتيل وجريح وتسببت في خسائر إقتصادية بقيمة 126 مليار دولار، وأصبح 80 % من سكان اليمن بحاجة إلى المساعدات الإنسانية وفقًا للأمم المتحدة.
5 ــ  المبادرة تؤكد أن السعودية ليست طرفا في الحرب وإنما إستجابت مع دول أخرى لنداء وطلب الحكومة الشرعية بحماية الشعب اليمني وإسترداد الدولة المختطفة وإجهاض الإنقلاب الحوثي عبر تشكيل تحالف عربي ودولي . 
6 ــ تسقط المبادرة ذريعة الحوثيين والتي برروا بها أمام أتباعهم ومناصريهم عدوانهم على الشعب اليمني وإجتياحهم لمختلف المحافظات حيث يرددون أنهم يحاربون المحتل الأجنبي ويدافعون عن كرامة وتراب بلدهم . 
7 ــ تزامنت الوساطة السعودية مع خطوات أخرى من السعودية ودول التحالف العربي لإبداء حسن النوايا بوقف الغارات الجوية على أهداف في الأراضي اليمنية مقابل توقف الحوثيين عن قصف أهداف حيوية ومنشآت إقتصادية ومدنية في العمق السعودي أو الإماراتي من خلال طائرات مسيرة أو صواريخ باليستية ، كما تلتها زيارة وفد سعودي وعماني إلى صنعاء لتقديم دليل إضافي على النزوع والرغبة في السلام والتفاهم حول قضايا إنهاء الحرب وتبادل الأسرى . 
8 ــ أعقبت الوساطة السعودية أنباء عن إنفراجة ــ ربما يجهضها التصعيد الحوثي حاليا ــ وكانت تتوقع إعلان هدنة لمدة ستة أشهر تشمل بنودا إنسانية وإقتصادية، وتشكيل لجان مراقبة في مناطق التماس، وإعادة فتح مطار صنعاء وموانئ الحديدة والطرقات، وصرف رواتب الموظفين الحكوميين حسب قوائم ما قبل سبتمبر 2014، إلى جانب الاستكمال المتبادل لإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين ومن المعروف أن جماعة الحوثي أوقفت بالهجمات نهاية العام الماضي تصدير النفط اليمني بعد هجمات استهدف موانئ ومنشأة اقتصادية جنوبي البلاد . 
9 ــ إستقبل الحوثيون مبادرة السعودية بالمراوغة حينا والتعنت تارة أخرى ، تضمنت مباحثات الوفد السعودي العماني في صنعاء أن يستكمل الطرفان مفاوضات بعد عيد الفطر واليوم مر أكثر من شهر بعد العيد دون جديد مشجع في الأفق . 
10 ــ  الحوثيون لا يرغبون في السلام منذ نشأتهم كعصابات متخفية في جبال صعدة تمردت بصورة مسلحة على الدولة اليمنية ، ويفهمون الهدنة على أنها فرصة إلتقاط الأنفاس وإعادة تمركز القوات وتنظيم الصفوف والحصول على دعم إيراني جديد عبر التهريب من البحر والبر لشن حروب وفتح جبهات جديدة . إنهم يريدون تجديد أمجاد دولتهم الرجعية الإمامية التي تسلطت على اليمن حوالي ألف عام قبل أن تنهيها ثورة 26 سبتمبر 1962 وتؤسس لنظام جمهوري بدعم ومساندة مصر عبد الناصر .  

ثانيا : مستجدات محلية وإقليمية مواتية . 

1 ــ هناك تفاؤل حذر ومشروط لتحقيق السلام بناء على المعطيات الحقيقية على الأرض ودراسة أهداف وخطط الحوثيين وممارساتهم . 
2 ــ مرت 9 سنوات من الحرب ولم ينتصر أحد في اليمن وبقي الوضع الميداني على ما هو عليه مع خسائر مستمرة وإستنزاف قدرات كل الأطراف وتضاعف تكلفة الحرب العالية وتململ الممولين .
3 ــ  توقف العمليات العسكرية خارج حدود اليمن والهدوء النسبي في كثير من جبهات القتال في غرب ووسط اليمن وخاصة مأرب وتعز والحديدة والبيضاء والضالع وكذلك جبهات الأطراف الجنوبية في شبوة وأبين .
4 ــ تحسن علاقات الرياض وطهران أخيرا حيث وقَّعت السعودية وإيران بوساطة الصين في 10 مارس الماضي اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية ، وإن كان هذا التطور تتحفظ عليه الإدارة الأمريكية ولا تحبذه لأنه تم بعيدا عنها .
5 ــ التطورات الإيجابية التي شهدت نجاح السعودية في إستعادة وحدة الصف العربي في القمة العربية الأخيرة بجدة والقرارات المهمة التي إتخذتها لدعم اليمن مما يضاعف فرص التأثير الإيجابي وفتح قنوات مهمة لوحدة الرؤى  في التعامل مع الأزمة اليمنية . 
6 ــ الدعم الخليجي والتحرك الأممي والدولي للتوصل إلى حل سياسي في اليمن ونشاط بعض العواصم العربية مثل مسقط وعمان والكويت ودعم القاهرة والجامعة العربية . 

ثالثا : السلام في اليمن كما يفهمه الحوثيون . 

1 ــ نشأت جماعة الحوثي كجماعة تعتنق التطرف الديني والمذهبي وتتبنى معتقدات ولاية الفقيه على الطريقة الخومينية ونظريات الإصطفاء ، وتلقوا تدريباتهم في طهران منذ بداية عقد التسعينات ويمضون في مخطط إستراتيجي كشوكة وخنجر في ظهر دول الخليج منذ حروبهم الستة مع الجيش اليمني ثم دخولهم في مخيمات الإعتصام والثورة على الرئيس الراحل على عبد الله صالح وصولا إلى إجتياح دماج وعمران وحتى العاصمة صنعاء وقدرتهم بالإستعانة بخبراء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في الهيمنة على مقدرات العاصمة السياسية لليمن وما حولها والحوثيون جماعة لا تفقه معاني الديمقراطية ولا الدولة المدنية ولا التبادل السلمي للسلطة . 
2 ــ قامت جماعة الحوثيين بتجريف الثقافة ومناهج التعليم المعتدلة وبث سموم عقائدها في النشء الذين خطفتهم إلى ساحات القتال مقابل رشوة النجاح والغش " الثانوية العامة الأخيرة نموذجا " ، كما تسلط مشرفوها على الوزارات والمؤسسات لجباية الضرائب وتمويل حربهم ، وإغتصبت ممتلكات المواطنين وزجت بالآلاف منهم في السجون ونشرت ملايين الألغام وضاعفت مأساة اليمنيين ومارست أعمال القتل والخطف والإخفاء القسري .  
3 ــ  الحوثيون يتنصلون بشكل واضح من كل التفاهمات المحلية التي أفضت إلى إتفاق كانوا طرفا فيه مثل المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ، ومخرجات الحوار الوطني الشامل ، وأيضا يتجاهلون قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وخاصة القرار رقم 2216 ويصرحون علانية بأنها تجاوزها الزمن والواقع " تصريحات قبل أيام لمحمد على الحوثي القيادي بالجماعة " . 
4 ــ  أهداف الحوثيين من كل المفاوضات أن يتم الإعتراف بهم كسلطة أمر واقع وأن يتم رفع الحصار عنهم ووقف الحرب عليهم وتمكينهم من الهيمنة على كل المناطق التي إستولوا عليها وإدارة الموانئ والمطارات والمصارف النقدية وكل الموارد التي تمكنهم من ترسيخ حكم الكهنوت ودولة السيد والمصطفى إبن الرسول ومملكة آل البيت كما يزعمون . وهم لا يعترفون بالتعددية الحزبية ولا التبادل السلمي للسلطة ولا يرون للقوى المدنية الأخرى أي وزن ، فاليمنيون الذين يرفضون مشروعهم التخريبي في نظرهم مرتزقة وداعشيون يستحقون القتل . 
5 ــ  الحوثيون يرفعون شعار الصرخة " الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل" .. لكن الواقع يؤكد أنهم فعلوا عكسه فالسلامة لأمريكا وإسرائيل والموت والقتل والفقر والسجون والتشرد والتعذيب لليمنيين ، وهم قدموا أكبر خدمة لواشنطن التي إستثمرت المخاوف الخليجية من البعبع الحوثي بعقد صفقات عسكرية كثيرة مع دول المنطقة بمليارات الدولارات . 

رابعا : تناحر الداخل اليمني وتضارب مصالح الخارج .

1 ــ يساعد الإنقسام الحاد الذي أحدثه الحوثيون في المجتمع اليمني وإنشطار الأحزاب والتنظيمات السياسية وضعف أداءها على تمرير مشروعهم التوسعي ، فأغلب الأحزاب التي لديها مكونات ومسميات خاضعة لسلطة الحوثي صامتة ومغلوب على أمرها بعد الزج بقادتها في السجون وسلب ممتلكاتهم وعقاراتهم ومنازلهم ، ولدى هذه الأحزاب  قيادات في الخارج منقسمة على نفسها مثل حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان يحكم البلاد ، بخلاف إنقسام القبائل التي تشكل القوة الرئيسية الناعمة في اليمن ، بعضها إرتبط بمصالح مع الحوثي وإنتعشت لديهم تجارة السلاح والتهريب والبعض الآخر إضطر إلى التهدئة أو الخضوع والصمت ، وأيضا هروب أغلب المثقفين والسياسيين والرموز المدنية خارج اليمن بسبب بطش الحوثيين .. كل ذلك ساهم في عدم توحيد الصف الوطني وتشتت قواه في التصدي لمشروع الحوثي .
2 ــ شبح الإنفصال وتغلغل الإرهاب ربما لا يقل خطورة عن مشروع الحوثي ، فمع جهود السعودية في حل مشاكل القيادة الشرعية وعقد إتفاقيات مع المجلس الإنتقالي الجنوبي لكن نبرة الدعوة إلى الإنفصال إرتفعت في الآونة الأخيرة وأصبحت أكثر تحديا وجموحا . الحوثي يرفع شعار الوحدة لكنه يمارس أعمالا تقوضها . وفي تحليلي الشخصي أنه يرغب في إستعادة دولة الشمال الشطرية ذات الأغلبية الزيدية وليست له أطماع في دولة الجنوب الشافعية المذهب ، ولهذا لم يصمد طويلا عندما حاول إجتياح عدن والمحافظات المجاورة لها تحت ضربات المقاومة ورفض أبناء الجنوب له . 
3 ــ الراغبون في إجهاض الوحدة لن يكونوا قادرين بسهولة على تحقيق أحلامهم إذا أظهرت القوى السياسية والشعبية تمسكها بالوحدة ورفضها لكل المشاريع الصغيرة ، وإذا حسبت القوى الكبرى حسابات منطقية لمصالحها التي ستصبح مهددة في حال عودة الإنفصال الذي لا يعرف أحد كم دولة أو دويلة وسلطنة سيفرز على طول وعرض خارطة اليمن وكيف يمكن أن تعم الفوضى والحروب والصراعات الداخلية " الدعوة أخيرا  إلى تسمية مملكة حضرموت كدولة جنوبية " .
4 ــ الدول الكبرى ما زالت ترى في وحدة اليمن أمرا مواتيا لتأمين الملاحة في البحر الأحمر شريان التجارة العالمي وتحييد منطقة الخليج الغنية بالنفط عن التوترات والقلاقل ، كما أن مخرجات الحوار الوطني أفضت إلى إنشاء أقاليم عدة يمكن أن تصبح إقليمين ضمن دولة كونفدرالية تستوعب إحتياجات الشمال والجنوب وتراعي الإنصاف والتطلعات الشعبية وهو نموذج موجود في كثير من الدول في المنطقة والعالم . 
5 ــ إذا ضمنت القوى الكبرى مصالحها الحيوية من أية أطراف قوية على أرض اليمن يمكن أن تعتمد عليها فإنها ستتعامل مع منطق الإنفصال بواقعية ولن تمانع في الإقرار به خاصة وأن الشركات الغربية التي دفعت 5 مليار دولار لمشروع تصدير الغاز الطبيعي في شبوة جنوبا تريد أن تستعيد إستثماراتها ،كما أن واشنطن فتحت قنوات إتصال أخيرا مع المجلس الإنتقالي الجنوبي  .
6 ــ الأطر المؤسسية العربية وفي مقدمتها الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي يؤكون على أهمية وحدة اليمن وسلامة أراضيه لكن لن يكون بوسعهم الوقوف في وجه التيار والوصول إلى ترتيبات مثل الإستفتاء الشعبي بإشراف الأمم المتحدة على طريقة جنوب السودان .
7 ــ تنظيم القاعدة والحركات الإرهابية التي تعشعش في جبال اليمن التي تشبه تضاريس أفغانستان كأنصار الشريعة وغيرها تنتظر الفرصة للإنقضاض هي الأخرى ، وطول أمد الحرب الحالية وتداعياتها الإنسانية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية يسهم في ترسيخ أقدام هذه التنظيمات ووجودها ومشاريعها التدميرية . 

خامسا : مسارات مطلوبة لنجاح الوساطة السعودية .
 
1 ــ وحدة الصف الداخلي اليمني وتحقيق تقارب بين مختلف القوى السياسية والحزبية والقبلية وتدعيمها على الأرض في مواجهة المشروع الحوثي . 
2 ــ إنتهاج التحالف العربي سياسة واحدة ومواقف متناغمة تجاه بعض القوى المحلية وخاصة حزب الإصلاح والمجلس الإنتقالي الجنوبي وإدماج كل قوى المقاومة المسلحة ضمن هيكل الجيش الوطني اليمني ، وهذا يسهم في صلابة الإصطفاف وإزالة الخلافات وتعزيز الجبهة الداخلية . 
3 ــ ممارسة القوى الكبرى وخاصة أمريكا والإتحاد الأوربي وروسيا والصين ضغوطا إضافية على جماعة الحوثيين للقبول بأفكار وخطط سلام بما فيها التلويح بإعتبارها جماعة إرهابية وأن تتجاوز الحسابات الضيقة التي تهدد مصالحها الإستراتيجية في الملاحة البحرية وتأمين ممرات النفط ومحاربة التنظيمات الإرهابية . 
4 ــ الأمم المتحدة عبر ممثليها المختلفين إلى اليمن لعبت دورا في تمييع القضايا وساهمت في جعل الحوثيين الذين إختطفوا الدولة اليمنية تحت جنح الليل طرفا رئيسيا في التفاوض يضاهي ويوازي الحكومة الشرعية مع العلم أن الحوثيين كان يمثلهم في برلمان عام 1993 مقعد واحد من بين 301 مقعدا في مجلس النواب ، وساهم المبعوثون الأمميون في عدم إتخاذ المجتمع الدولي مواقف صارمة وحاسمة تجاه جماعة الحوثي تجبرهم على حلحلة مواقفهم وإظهار المرونة للسلام ، ولهذا على الأمم المتحدة أن تغير نهجها بعض الشيء وأن تتخلى عن بعض التردد فالوقت لم يعد كافيا للتمتع بمشاهدة أكبر كارثة إنسانية في العالم دون فعل شيء . 
5 ــ دول الإقليم وخاصة إيران وبعض دول الخليج التي تربطها علاقات مع الحوثيين عليها مسئولية كبيرة في تعزيز التقارب اليمني ــ اليمني وأن تسحب طهران بوجه خاص خبراءها العسكريين من صنعاء وأن تستثمر علاقاتها معهم لعقد مفاوضات سياسية برعاية الأمم المتحدة تفضي إلى مصالحة سياسية شاملة ، والآمال معقودة على توافق الدعم الخليجي والدولي لمساندة وساطة وجهود السعودية لتحقيق السلام وتبني خطة شاملة " مشروع مارشال " لإعادة بناء اليمن وإعادته إلى مسار التعافي من جديد .

 

                                  توصيات الندوة

وخلصت الندوة إلى مجموعة من التوصيات جاء أبرزها: أهمية تعزيز وحدة الصف اليمني، وتحقيق التقارب بين مختلف القوى السياسية والحزبية والقبلية حول هدف استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الحوثي، وزيادة الدعم العربي الإنساني لليمن، للوقوف بجانب الشعب اليمنى الشقيق في محنته، هذا إلى جانب الدعم السياسي بما يضمن وحدة وسلامة اليمن وشعبها الشقيق، انتهاج التحالف العربي سياسة واحدة ومواقف متناغمة تجاه بعض القوى المحلية، وإدماج كل قوى المقاومة  ضمن هيكل الجيش الوطني اليمني، وهو ما يسهم في تعزيز الجبهة الداخلية.

 

 حضر الندوة عدد من الدبلوماسيين والباحثين المتخصصين على رأسهم الدكتور حيدر الجبوري وزير مفوض بالجامعة العربية كما حضر شخصيات يمنية منهم اللواء عصام دويد عضو المكتب السياسي للمقاومة الوطنية والأخ  علي العنسي عضو مجلس النواب اليمني وعبدالله القبيسي وكيل وزارة الادارة المحلية وعدد من الشخصيات الأكاديمية والسياسية اليمنية.

 

ترشيحاتنا